أخبار عامةالذكاء الاصطناعي
مايكروسوفت تستثمر في الطاقة النووية لدعم طموحات الذكاء الاصطناعي
في خطوة مفاجئة، أعلنت شركة مايكروسوفت عن توقيع اتفاقية لإعادة تشغيل محطة الطاقة النووية “ثري مايل آيلاند” المغلقة في الولايات المتحدة. إذا تمت الموافقة من قبل الجهات التنظيمية، ستتمكن مايكروسوفت من استخدام 100% من إنتاج المحطة لتلبية احتياجات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. هذه الخطوة تعد مؤشرًا واضحًا على التحول الكبير الذي يشهده قطاع التكنولوجيا في السعي نحو توفير مصادر طاقة نظيفة ومستدامة لدعم التوسع في مجال الذكاء الاصطناعي.
زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي
مع تزايد الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، شهدت احتياجات مراكز البيانات للطاقة ارتفاعًا ملحوظًا. وفقًا لتقرير شركة الأبحاث TechInsights، من المتوقع أن تستهلك مسرعات الذكاء الاصطناعي حوالي 2318 تيراواط/ساعة من الطاقة بين 2025 و2029، مما يمثل 1.5% من إجمالي استهلاك الكهرباء العالمي. وعلى الرغم من أن نسبة الاستهلاك هذه قد تبدو ضئيلة، إلا أنها تعكس بشكل كبير الأعباء المتزايدة على شبكات الطاقة حول العالم.
السباق نحو مصادر الطاقة البديلة
تهدف مايكروسوفت من خلال هذه الخطوة إلى تأمين مصدر طاقة نظيف وثابت لعملياتها، حيث أن الاعتماد على الطاقة النووية يمكن أن يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استهلاك الطاقة. وذكر “بوبي هوليس”، نائب رئيس قسم الطاقة في مايكروسوفت: “هذا الاتفاق يمثل خطوة رئيسية في جهود مايكروسوفت للمساعدة في تقليل الكربون في الشبكة ودعم التزامنا بأن نصبح شركة سلبية الكربون”.
تشير التقارير إلى أن المحطة النووية التي تعتزم مايكروسوفت إحياءها، والتي سيتم إعادة تسميتها إلى “مركز الطاقة النظيفة كرين” تكريمًا للراحل كريس كرين، قادرة على إنتاج 837 ميغاواط من الطاقة، وهو ما يكفي لتزويد أكثر من 800 ألف منزل بالكهرباء. هذا يظهر مدى احتياج مراكز البيانات، وخاصة تلك التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لكميات ضخمة من الطاقة.
مراكز البيانات وزيادة الطلب على الطاقة عالميًا
تشير التوقعات إلى أن الطلب على الطاقة لمراكز البيانات سيرتفع بنسبة 160% بحلول عام 2030، وذلك نتيجة لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد. في الولايات المتحدة وحدها، قد يصل استهلاك مراكز البيانات إلى 8% من إجمالي الطاقة بحلول نهاية العقد الحالي، مقارنةً بـ 3% في عام 2022. هذه الزيادة ستتطلب استثمارات هائلة لتوسيع شبكات الطاقة وبناء محطات توليد جديدة.
أما في أوروبا، فمن المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة بنسبة تصل إلى 50% بين 2023 و2033، نتيجة للتوسع في مراكز البيانات وتسريع التحول نحو الكهرباء. هذا التوسع سيضع ضغطًا كبيرًا على الشبكة الكهربائية الأوروبية، والتي تُعد واحدة من أقدم الشبكات في العالم، وسيتطلب استثمارات تصل إلى 1.7 تريليون دولار لتطويرها وتلبية الاحتياجات المستقبلية.
نحو مستقبل أكثر استدامة للطاقة
تحاول شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون، إيجاد حلول مبتكرة لتقليل التأثير البيئي لتوسعاتها في الذكاء الاصطناعي. تتجه الشركات بشكل متزايد نحو استثمارات في الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية والرياح، وكذلك تطوير تقنيات جديدة مثل التبريد السائل لمراكز البيانات لتقليل استهلاك الطاقة.
ومع زيادة التركيز على تحقيق الاستدامة، يُتوقع أن تلعب الطاقة النووية دورًا رئيسيًا في تلبية الطلب المتزايد للطاقة، خاصة مع عدم قدرة مصادر الطاقة التقليدية على سد الفجوة بين الطلب والإمداد. على الرغم من أن الطاقة النووية قد تثير بعض المخاوف البيئية، إلا أنها توفر حلاً طويل الأمد للطاقة النظيفة دون انبعاثات كربونية.
الذكاء الاصطناعي: وجه جديد لاستهلاك الطاقة
الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي يذكرنا بسباق الطاقة الذي شهدناه مع ازدهار تعدين العملات الرقمية في السنوات الماضية، حيث أن كل عملية معالجة للذكاء الاصطناعي، مثل الاستفسارات على منصة ChatGPT، تستهلك ما يقارب عشرة أضعاف الطاقة مقارنةً بعملية بحث واحدة على جوجل. هذه الفجوة تبرز الحاجة الملحة للتفكير في مصادر طاقة بديلة تواكب هذا النمو الهائل.
في الختام، فإن الخطوة التي اتخذتها مايكروسوفت بالاستثمار في الطاقة النووية ليست مجرد استراتيجية لتلبية احتياجاتها الطاقية، بل هي جزء من رؤية أكبر لضمان استدامة عمليات الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت الذي تستعد فيه شركات التكنولوجيا الكبرى لمواجهة التحديات البيئية والطاقية، يبقى السؤال: هل ستكون الطاقة النووية هي الحل الأمثل لدعم الثورة القادمة في مجال الذكاء الاصطناعي؟